المتابعون

الثلاثاء، أكتوبر 03، 2017

ست البنات...ست سنوات.

ست البنات...ست سنوات.







(1)

إن كل شيء يبدأ بحلم، وأولادي أحلامي النضرة كالفجر، نما في كل قلبي دون سابقة وعي كل فنون العشق، لامست جلدهم يوم مولدهم فذاب صدأ السنين الذي تراكم على مفاصلي منذ قرون، قامت في خلايا روحي حياة جديدة أنهكتها سنوات الخذلان، حياة جديدة من جسد غض إلى جسد هرم في عمر الشباب.



(2)

يلمس شعرها وكأنه يرقيها من عينيه، يحكي على مسامعها حكاية لم يؤلفها سوى في تلك اللحظة، يصارحها أنه حائط الصد لها ضد كل مآسي العالم، يغلق الباب خلفه وفي عينه دمعة لأنه يعرف أنه يكذب.


(3)

يا بنت القلب على باب كل حلم من أحلامك، وحش مخيف فلا تهربي ولا تنزعجي منه، إنما تحقيق الأحلام عند الصدمة الأولى، فإذا نالك منه صرخة أو ضربة تحمليها ومري إلى حلمك في سلام.


(4)

من المهم أن تضعي حجاباً يستر جسدك ورأسك،  ولكن لا تنسي أنه من الأهم أيضا معرفة ماذا تضعين في رأسك؟!.

(5)
يا بنيتي، من يبحث عن الهامش سيجده، ومن يبحث عن مجده وسط الطريق فسيجد فيه فسحته، وتذكري دوما أن الضربة التي لا تقتل تقوي.

(6)
في النهاية
أستسمحك عذرا لأن يوم ميلادك لن أكون بجوارك للمرة الأولى، حاولت جمع حقائبي واختصار أيام غربتي ولكني تبعثرت في الطريق لقرار مثل هذا، ليس تجاهلاً لك بل أنني حرمت نفسي من اللذة، وخضت في كثيرا من أوحال الغربة، الغربة التي ما إن خطوت بابها تركت عليه كل ما رجوته لنفسي، ودهست أحلامي البسيطة حتى لا يخيب رجاؤك في أب خايب الرجا كما يدعون.

الجمعة، سبتمبر 22، 2017

قال الفيلسوف: حلقة قديمة عن الظالم




حلقة قديمة من #قال_الفيلسوف
الفتاة - كان لي صديق فيلسوف، بأقوال الحكماء شغوف، قلت له يوماً: فيلسوف،
الفيلسوف - نعم يا بنيّتي,
الفتاة – ماذا تقول فيمن طغى وبغى وظلم وتجبّر، وظن أنه الأوحد ولا يقدر عليه أحد؟
الفيلسوف – أقول يا ابنتي سبقه من كان أشد منه طغياناً، وأكثر منه بغياً وعدواناً، فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر،
الفتاة – فمتى، متى يا فيلسوف؟
الفيلسوف – متى ماذا يا بنيّتي،
الفتاة – متى ينحسر شره وأذاه ويزول بغيه وجبروته، في هذه الحياة؟
الفيلسوف – تقول الحكماء يا بنيّتي، من طال تعدّيه كثُرت أعاديه،
الفتاة – كثُرت، كثُرت والله يا فيلسوف،
الفيلسوف – ومن اشتد بطشه وإيذاؤه، قرُب هلاكه وفناؤه،
الفتاة – نعم ولكن اشتد الهول والبأس، وعم الناس القنوط واليأس،
الفيلسوف – يقول بعض العارفين يا بنيّتي، اشتَدّي أزْمة تنفرجي،
الفتاة – نعم نعم،
الفيلسوف – ويقول آخر يا بنيّتي، ما اشتد كربٌ إلاّ وهان، وما حلك ليل إلاّ وصله نهار،
الفتاة – متى، متى يا فيلسوف،
الفيلسوف – بنيّتي، يقول الحق تبارك وتعالى، وهو أصدق القائلين: "ولا تحسبنَّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار"، صدق الله العظيم.
الفتاة – سبحانك يا ألله، الواقع يا فيلسوف أنني قرأت ضمن ما قرأت، أن أعجل الأمور عقوبة، هي ظلم من لا ناصر له إلاّ الله، فمتى إذاً تنزل عقوبة الله، لمن جحد نِعَم الله، واستطال بقدرته على ظلم سائر عباد الله؟
الفيلسوف – بنيّتي، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته".
الفتاة – صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا عمّن بغى وظلم، فماذا إذاً عمن بُغي عليه أو ظُلِم؟ ماذا عمن أريق دمه وفقد حياته دون ذنب أو جريرة؟
الفيلسوف – روي يا بنيّتي أن الحجاج بن يوسف الثقفي، كان مِن أظلم خلق الله لعباد الله،
الفتاة – يا ستار...
الفيلسوف – وذات يومٍ قتل رجلاً ظلماً وعدواناً، وأمر بصلبه على باب المدينة، فمر بالمصلوب رجل صالح كان جاراً له، فرفع رأسه إلى السماء وقال: "يا رب، حلمك على الظالمين قد أضر بالمظلومين"، ونام الرجل في تلك الليلة فرأى جاره المظلوم في أبهى حلة وأعظم منزلة، وسمع منادٍ من قِبَل الله تعالى يقول: "حِلم الله على الظالمين، أحلّ المظلومين في أعلى عِلِّيّين"، أرأيتِ يا بنيّتي؟
الفتاة - نعم، ولكن ما خير ما تود أن تنهي به حديث الليلة، في أمر ظلم الظالمين وجَوْر الجائرين؟
الفيلسوف – يقول نبيّ الهدى والرسول المقتدى، اتقوا الظلم، فإن الظلمَ ظُلمات يوم القيامة، ويقول رب العزة تبارك وتعالى في حديثه القدسي: "يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلتُه بينكم محرّماً فلا تظالموا"، ويقول ايضاً يا بنيّتي....
الفتاة – شكراً شكراً، هذا يكفي جداً جداً، إلى الغد إذن يا فيلسوف.

الاثنين، سبتمبر 18، 2017

لوسي أوبراك: كيف أحيا دون شرف؟

لوسي أوبراك: كيف أحيا دون شرف؟






في فرنسا كانت هناك فتاة فرنسية هادئة، تلك السمة التي لم يكن يعلم أحد كل تلك القوة والثورة المدفونة داخلها،  سافرت باريس للدراسة منتصف الثلاثينات، وقعت هناك في غرام رجل يُدعي ريمون صامويل..
النازيون احتلوا باريس بعد حرب خاطفة، حطموا فيها الاستراتيجية الدفاعية الفرنسية العاقرة، التي كانت تعتقد بحتمية الهجوم الألماني من ثغور الحصن الدفاعي الفرنسي الهائل ‘‘ خط ماجينو‘‘..سقطت استراتيجية الدفاع من معابر الحدود البلجيكية..ومعها مليوني جندي فرنسي في الأسر، كان من بينهم الشاب ريمون.

الحبيبة ومن ثم الزوجة لاحقًا علمت مكان احتجازه في ستراسبورج، قطعت المسافة ومعها عقاقير، نجحت بتمريرها له، ابتلعها، أصيب بتسمم، نقل لمشفي عسكري، كانت بالانتظار ونجحت في تهريبه..كانت أول حالة فرار من قبضة النازيين، علي يد امرأة، ولن تكون الأخيرة..ريمون عاد بعد 4 سنوات ليقع في أسر أبشع النازيين سيرة في القطر الفرنسي..الجزار كلاوس باربي..حصص من التعذيب المكثفة أودت بحياة رفيق دربه والبطل الفرنسي الأشهر جان مولان..بينما صدر حكمًا بالإعدام علي ريمون..


تظهر السيدة من جديد.. تلك المرة كانت تحمل مولودها الثاني..مثيلاتها من الحوامل في الشهر الخامس يفضلن عادة البقاء في المنزل..لم تفعل..قادت مجموعة من المقاومين المسلحين، واقتحمت محبس زوجها وحررته..ومن لحظتها وُلدت أسطورتها لتحيا للأبد في الذاكرة الفرنسية..أسطورة لوسي أوبراك..لوسي، التي يتذكرها الجميع في هذه الأيام التي توافق ذكري تحرير باريس من الاحتلال النازي، وقفت ذات مساء تحاجج أحد رفقاها المنقلبين..كان يقنعها باسقاط خيار المقاومة والتسليم بوجود الألمان وبناء حياة مستقرة مطعمة بمزايا الاقتراب من سلطة حكومة فيشي في المنطقة الحرة..بصقت في وجهه قبل أن تلكمه بقبضتها في منتصف العنق ثم أجابت علي الرد شفاهة ‘‘كيف أحيا دون شرف‘‘

السبت، سبتمبر 09، 2017

أبو فراس الحمداني (فارس السيف والقلم)




ورد في “وفيات الأعيان” لابن خلكان:
هو أبو فراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني ابن عم ناصر الدولة وسيف الدولة ابني حمدان-وسيأتي تتمة نسبه عند ذكرهما إن شاء الله تعالى-؛ قال الثعالبي في وصفه: كان فرد دهره، وشمس عصره، أدباً وفضلاً، وكرماً ومجداً، وبلاغة وبراعة، وفروسية وشجاعة، وشعره مشهور سائر، بين الحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة، ومعه رواء الطبع وسمة الظرف وعزة الملك، ولم تجتمع هذه الخلال قبله إلا في شعر عبد الله بن المعتز. وأبو فراس يعد اشعر منه عند أهل الصنعة ونقدة الكلام.
وكان الصاحب بن عباد يقول: بدئ الشعر بملك وختم بملك، يعني امرأ القيس وأبا فراس. وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز ويتحامى جانبه فلا ينبري لمباراته ولا يجترئ على مجاراته، وإنما لم يمدحه ومدح من دونه من آل حمدان تهيباً له وإجلالاً، لا إغفالاً وإخلالاً. وكان سيف الدولة يعجب جداً بمحاسن أبي فراس ويميزه بالإكرام على سائر قومه ويستصحبه في غزواته وستخلفه في أعماله.
وكانت الروم قد أسرته في بعض وقائعها، وهو جريح قد أصابه سهم بقي نصله في فخذه، ونقلته إلى خرشنة، ثم منها قسطنطينية، وذلك في سنة ثمان. وأربعين وثلثمائة، وفداه سيف الدولة في سنة خمس وخمسين.
قلت: هكذا قال أبو الحسن علي بن الزراد الديلمي، وقد نسبوه في ذلك إلى الغلط، وقالوا: أسر أبو فراس مرتين، فالمرة الأولى بمغارة الكحل في سنة ثمان وأربعين وثلثمائة، وما تعدوا به خرشنة، وهي قلعة ببلاد الروم والفرات يجري من تحتها، وفيها يقال: إنه ركب فرسه وركضه برجله، فأهوى به من أعلى الحصن إلى الفرات، والله أعلم، والمرة الثانية أسره الروم على منبج في شوال سنة إحدى وخمسين، وحملوه إلى قسطنطينية. وأقام في الأسر أربع سنين، وله في السر أشعار كثيرة مثبتة في ديوانه. وكانت مدينة منبج إقطاعاً له، ومن شعره:
قد كنت عدتي التي أسطو بهـا
ويدي إذا اشتد الزمان وساعدي
فرميت منك بضد ما أملـتـه
والمرء يشرق بالزلال البـارد
فصبرت كالولد التقي لـبـره
أغضى على ألم لضرب الوالد
وله أيضاً:
أساء فزادته الإساءة حظـوة
حبيب على ما كان منه حبيب
يعد علي الواشـيان ذنـوبـه
ومن أين للوجه الجميل ذنوب
وله أيضاً:
سكرت من لحظه لا من مدامته
ومال بالنوم عن عيني تمايلـه
فما السلاف دهتني بل سوالفـه
ولا الشمول ازدهتني بل شمائله
ألوى بعزمي أصداغ لوين له
وغال قلبي بما تحوي غلائله
ومحاسن شعره كثيرة.
وقتل في واقعة جرت بينه وبين موالي أسرته في سنة سبع وخمسين وثلثمائة.
ورأيت في ديوانه أنه لما احضرته الوفاة كان ينشد مخاطباً ابنته:
أبنـيتـي لا تـجـزعـي كل الأنـام إلـى ذهـاب
نوحي علـي بـحـسـرة من خلف سترك والحجاب
قولي إذا كـلـمـتـنـي فعييت عن رد الجـواب
زين الشبـاب ابـو فـراس لم يمتع بالـشـبـاب
وهذا يدل على أنه لم يقتل، أو يكون قد جرح وتأخر هوته، ثم مات من الجراحة وقيل إن هذا الشعر قاله وهو أسير في أيدي الروم، وكان قد جرح ثم أسر ثم خلص من الأسر، فداه سيف الدولة مع من فودي من أسرى المسلمين.

السبت، سبتمبر 02، 2017

سبتمبر وأشياء أخرى



سبتمبر وأشياء أخرى
(1)
في سبتمبر تودعنا الشمس الحارة، تهب رياح الخريف على قلوب هرمت منذ أزمان، يزداد غبار الكون في صدر لا يهدأ سعاله.
(2)
أنا كائن معقد تماما، وفي سبتمبر تزداد الأمور تعقيدا معي، ومهما ظن من يعرفني جيدا أنه عرفني وانتهي الأمر، ولكنه في سبتمبر ستأتي مواقف عديدة سيقف عاجزا عن معرفتي وفهم ماذا يحدث؟، حتى أنا لا أدرى ما حدث لكي أستطيع تفسير ماذا يحدث؟، أصبح أكثر غرابة من ذي قبل، أكثر صمتا، أكثر وحدة، أكثر قدرة على ممارسة عادة الكآبة والكتابة في نفس الوقت.
(3)
أهلاً سبتمبر ، آمل أن تأخذ أحلامنا هذه المرة على محمل الجد.
(4)
في سبتمبر تزداد معدلات دوران رأسي، تزداد معدلات إنتاج الأفكار التافهة، تزداد معدلات دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس.
(5)

أنا لا أعلمُ ما الذي يحدث لي مع سبتمبر ، ولا أريد أن أعلم .. أريد فقط أن أتجاوز هذا الشهر وأن أتجاوز كل تلك المشاعر ، أريد أن أنجو بأقل الأضرار الممكنة، أن يأتي الثالث من نوفمبر فورا دون أن يعزيني أحد فيما حدث لي في الأول والثاني من نوفمبر.
(خاتمة)
مع نهاية سبتمبر، احتفل بانهيارك يا عزيزي .
(قالوا)
مُنذ ولدت وأنتٓ تقاتل الحياة ،لتصل إلى موتك سالماً.

الأحد، أغسطس 27، 2017

نظرة لـ هروبي إلى الحرية.




عندما تقرأ كتاب : هروبي إلى الحرية لـِ علي عزت بيجوفيتش ، يصلك شعور السجين المليء بالتساؤل و في الوقت نفسه أيضاً تبدأ بمعرفة الحرية الصحيحة التي تختلف كُلياً عن الحرية التي تظن نفسكَ أنكَ تعيشها و كأنك بسجن الحياة بشكلٍ مرسومٍ و دقيق في كيفية التحكم بطريقة عيشك.
يضع بيجوفيتش في كتابه هذا عبارات غير مترابطة في مواضيع مختلفة تأخذك إلى نتاج فكري و حس فلسفي مباشر في لحظة وغير مباشر في لحظة أخرى.
أجزم أنني بعد هذا الكتاب أنجزت شيئاً في نفسي، فـَبعض الكتب أحياناً تشعرك بأنك وصلت إلى حقيقة تواجه بها سجنك الداخلي وأعتقد أنني وصلت.
اقتباسات من الكتاب
هروبي إلى الحرية (كتاب) كانت تلك الأيام ينتظرني فيها ما يقارب ثلاثة عشر عاماً من السجن، وعندما كان الموت هو الأمل الوحيد أخفيت هذا الأمل بداخلي
مثل سر كبير لا يعرفه أحد غيري ولا يستطيعون هم تجريدي منه فإن هروبي العاطفي كان في تلك الرسائل لست متأكداً بأن أولادي يعرفون أو انهم سيعرفون يوماً ما ماذا عنت تلك الرسائل بالنسبة لي، كنت أشعر في اللحظات التي أقرأها فيها ، إنني لست أنسانا حراً وحسب، وإنما أنسانا أهداه الله كل خيرات هذه الدنيا

لاتوجد خسارة لا يكون الشعب الخاسر مسؤولا عنها! ولا يوجد في مزبلة التاريخ أبرياء.لأنك عندما تكون ضعيفا فهذه خطيئة من وجهة نظر التاريخ،وأن تكونً ضعيفا في التاريخ هو عمل لا أخلاقي
-
كثرة القراءة لا تجعلنا أكثر ذكاءً . فبعض الناس يلتهمون الكتب من دون الوقفات الضرورية للتفكير ، هذه الوقفات ضرورية من أجل “هضم” المقروء و معالجته ، من أجل إستعابه و إدراكه . حين يتحدث أناس من هذا النوع ، فإن شذرات من هيجل و هيدجر و ماركس تخرج من أفواههم كما هى ، بلا هضم أو معالجة . إن القراءة تقتضي إسهام القارئ فيما يقرأ ، و يحتاج هذا إلى وقت ، كالنحلة تحول الرحيق في بطنها إلى عسل
الحياة شئ خطير..عدم الاستقرار هو ثمن العيش. الذين يموتون هم الذين يشعرون بالاستقرار, او بالأحرى أولئك الذين لم يولدوا
وكتاب علي عزت بيجوفيتش, هروبي إلى الحرية متاح منذ فترة بترجمة جديدة للمترجم محمد عبد الرؤوف عن دار مدارات للأبحاث والنشر أفضل من الترجمة السابقة للمترجم إسماعيل أبو البندورة.

الثلاثاء، أغسطس 22، 2017

العودة للتدوين.


العودة للتدوين.
(1)
مارس 2005، أي منذ 12 عاما قمت بإنشاء هذه المدونة، لم أكن أرغب أن تكون مدونة يعرفها الأقارب والأصدقاء المقربون، فلقد أغواني أن أبدأ مع الغرباء، الذين لا يعرفوني بشكل شخصي، لم يكونوا عني فكرة مسبقة الدفع، لم يكرهوني من قبل…
وعلى غير ما توقعت كونت علاقات جيدة، ورحب بي أناس أفاضل، مما جعلني متلهفا للكتابة هنا، ومع ذلك توقفت، يوما ما لا أدرى ماهيته وجدتني توقفت…
(2)
كل يوم كانت يخبرني هذا الملعون، لا تكتب، إياك والكتابة يا هذا، لا تفرط فيما سيأخذك إلى أعماق المخاطر، لا تتحرك من على الشاطئ….
لم أستسيغ هذا النداء، يذكرني بمقولة “خليك ماشي جنب الحيط!” والله دخلنا جوا الحيط وأيضا قتلونا واغتالوا أحلامنا.
هذه المرة أدركت أن أعظم ما قد نمتلكه هو تلك الحروف المبعثرة على شفاه صامتة، تلك الحروف الثائرة في قلوب نابضة، لا يشترط أن تكون كاتبا رائعا متمكنا مما تقول، لا يخافون من المهرة بل يخافون من التفكير، لذا قررت أن أكتب ما أفكر فيه، سواء كانت عن ثورة تحولت إلى خيبة، عن قصة من عبادة إلى عادة…
(3)
لا يهم أن أكون الأروع، الأهم أن أثبت أنني ما زلت أتنفس، أنبض، أنبش ككتكوت انجليزي حزين طردوه من بلده وجاء إلى مصر، وأنني كائن صغير يدور مع دورة الأرض أو عكسها إن لم تعجبه طريقة دوران الأرض.
(4)
لماذا أكتب؟
لأن الوحدة كابوس قاتل، الصمت قاتل ينساب بين شرايينك دون أن تشعر به، أنا والصمت والوحدة أصدقاء، والكتابة هي الضيف الثقيل الذي يعكر مزاج تلك الجلسة الثلاثية، لا أحد يعرف مشكلتي مع الوحدة والصمت سوى الكتابة، تلك التي تدع لي الفرصة للتحدث حتى أعتقد “ولو زورا” أني أعظم متحدث في الدنيا وأن الجميع ينصتوا لي في خشوع….وأدب.
(5)
أدرك إن إدماني للوحدة والصمت قد أعياني، والكتابة تأخذني منهما بشعور أنتشيه ولو للحظات!
شعور مثل شعور المواد الكيماوية التي يتعاطاها المدمن، نعم مدمن صمت ووحدة ورغم محاولاتي الكف عن التعاطي، إلا أن أعراض الانسحاب لا تدعني سوى عند السباحة بين ضفتي كتابة أو الانسجام في لحظات أُنس مع قلم والشخبطة على بعض الصفحات البيضاء.
(كلمة أخيرة)
مدونتي مثيرة للدهشة، ومغرقة في العادية في نفس الوقت، هذا سر لا يدركه أحد سواي.