المتابعون

الخميس، مارس 31، 2005

"قوم يا طور قوم غير الدستور "

في إمبراطوريتنا العظيمة يوجد إمبراطور أعظم .. ديمقراطي جداً وحقاني جداً وخاصةً في المسائل القانونية والدستورية مع شعبه .. هذا مع شعبه، ولكنه إمبراطور أكثر رقة مع الحيوانات وقلبه أضعف من أن يحتمل كلمة سيئة في حق أي حيوان .. ولا أن يكتشف يوماً أن حيواناً ما قد نام دون تناول طعامه، أو أن إنساناً قد عامل هذا الحيوان معاملةً غير لائقة .. فيكون عقابه قاسياً جداً .. والرجل حقيقةً لم يتوان عن خدمة الحيوانات، فقد دللهم إلي أقصى درجة، وأنشأ لهم بيوتاً ومتنزهات خاصة، وبطاقات تموينية خاصة بهم كي يضمن لهم وصول الطعام دوماً وبكل سهولة ويسر .. وكذلك لهم حق التجوال دون أن يتم التعرض لهم، كما لهم أيضاً حق التعبير عن أنفسهم .. وجاري حالياً مناقشة توفير حقهم في الانتخاب!. وكما ذكرنا، فإن الرجل دقيق جداً في المسائل الدستورية .. وقد استغل مواطن المادة الثالثة في الدستور الفقرة (ج) والتي تنص صراحةً على أنه يجب توفير مكان آمن والخدمات الحياتية الكاملة لكل حيوان في جميع أنحاء الإمبراطورية .. فقام هذا المواطن بإثبات أنه حيوان .. نعم حيوان ناطق .. استطاع أن يثبت هذا بالأوراق الرسمية وتقدم بها إلي القضاء مطالباً مساواته بالحيوانات، من توفير مأوى آمن، وخدمات حياته كلها، وأيضاً تقدم بهذا الطلب لأبنائه حيث أنهم سيصيرون حيوانات أولاد حيوان .. وكان يوم النطق بالحكم يوماً عظيماً ارتقبته الأمة جميعها من إمبراطورها وشعبها حتى أصغر حيوان في الإمبراطورية .. وحكم القاضي بأن المواطن المدعو "حيوان" ومن حقه تماماً المساواة بكامل حقوق الحيوانات .. ولأن الإمبراطور رجل نزيه وقانوني، فقد تقدم باستئناف لتعطيل الحكم وإلغائه، حيث أن المدعو عليه لا تنطبق عليه صفات الحيوان، فالفقرة (ج) من المادة الثالثة للدستور تقصد أنواع من الحيوانات أقل من هذا المواطن، حيث أن الحيوانات تسير على أربع ولا تستطيع الفهم .. قبل القاضي الاستئناف من حيث المبدأ، ولكن المواطن تقدم إلي القاضي وقال أن الفقرة (ج) لم تحدد هذا الحيوان صراحةً، وأنها لم تخبر بوجود فوراق اجتماعية بين الحيوانات، حيث أن المادة 3 الفقرة (ص) تنص على أن جميع الحيوانات متساوون في الحقوق والواجبات ولا فرق بين حيوان وآخر! وبما أنه حيوان، فلا يجوز التفرقة بينه وبين أي حيوان آخر .. وأما من حيث أن الحيوانات تسير على أربع، فهناك بعض الحيوانات تسير على اثنين والبعض الآخر لديه أكثر من رجل يسير عليها .. وأما عن موضوع أن الحيوانات لا تستطيع الفهم فقد استنكر الرجل ذلك وتساءل كيف لهم الحق في التظاهر إذن وهذا الحق ممنوع عن الشعب! وتعجب الجميع من فصاحة الرجل .. ولم يجد القاضي بُداً سوى الحكم للمواطن بحقوقه الكاملة مثل الحيوانات .. وكان يوم رهيب في حق الإمبراطور حيث رفع كل الشعب دعاوى قضائية مطالبين فيها بمساواتهم بالحيوانات وطبعاً وافقت المحكمة.. ولم يعرف الإمبراطور كيف يتصرف، هل يغير الدستور أم يحل البرلمان .. فهو يريد أن يحافظ على شكله الديمقراطي، خاصةً أن تغيير الدستور يجب أن يكون بموافقة الشعب أو بموافقة البرلمان .. فقرر أن يطرح مسألة تغيير الدستور على البرلمان، وبالطبع فلن يعترض أحد وإلا سيتم حل البرلمان مما سيتسبب في صدمة للأعضاء الذين لم يصلوا لكرسي البرلمان بسهولة، وهم غير مستعدين لدفع أموالاً مرة أخرى من أجل الوصول لذلك المقعد أو حتى مواجهة الشعب ! فقرر الإمبراطور أن يلعب على تلك الورقة، وطرح مشروع تغيير الدستور على البرلمان، ولكنه صدم برفض جميع الأعضاء وبأغلبية ساحقة لأنهم جميعاً قد رفعوا دعاوى أيضاُ وأصبحوا حيوانات! . وفي أثناء ذلك، لم تصمت الحيوانات، حيث وجدت أن حقها يهدر بسهولة، والآخرين سيشاركونها في النعيم الذي كانوا فيه مما سيؤثر على هذا النعيم بلا شك .. فلم يصمتوا واعترضوا ورفعوا رايات الثورة وخاضوا مظاهرات ورفعوا دعاوى لأن الدستور يكفل لهم تلك الميزة ولكنها جميعاً رفضت .. فخرجوا جميعاً في مظاهرة غاضبة يتزعمها الأسد والفيل وكل منهما ممسك بشعار
"قوم ياطور قوم .. غير الدستور"!

هناك تعليقان (2):

minesweeper76 يقول...

"All animals are equal, but some animals are more equal than others." George Orwell in "Animal Farm"..

عودة إلى الواقع، أنا فعلا مش فاهم ليه محدش حتى بيفكر في إننا نرفض التعديل الدستوري في الإستفتاء (ما هو لازم التعديل يُعرض على الشعب في صورة استفتاء) على اعتبار إن التعديل ليس إلا ديكور. الإستفتاء على التعديل حتى لم يستعمل كورقة ضغط من أي طرف، كما لو أن التعديل أصبح أمر مفروغ منه على اعتبار إننا شعب غاوي يلبس السلطانية

حائر في دنيا الله يقول...

بالفعل هي نقطة خطيرة ..فالرئيس قال مش هنغير الدستور الكل سقفله مشيداً بقرارات سيادته الذكية التي تستطيع قراءة الواقع صح ... وعندما غير برضه هما هماهم اللي سقفوا مشيدين بنفس القرارات السيادية ...

وعلى فكرة أنا كاتب الموضوع ده من في رمضان اللي فات ونشر قبل ذلك ..