المتابعون

الثلاثاء، أكتوبر 03، 2017

ست البنات...ست سنوات.

ست البنات...ست سنوات.







(1)

إن كل شيء يبدأ بحلم، وأولادي أحلامي النضرة كالفجر، نما في كل قلبي دون سابقة وعي كل فنون العشق، لامست جلدهم يوم مولدهم فذاب صدأ السنين الذي تراكم على مفاصلي منذ قرون، قامت في خلايا روحي حياة جديدة أنهكتها سنوات الخذلان، حياة جديدة من جسد غض إلى جسد هرم في عمر الشباب.



(2)

يلمس شعرها وكأنه يرقيها من عينيه، يحكي على مسامعها حكاية لم يؤلفها سوى في تلك اللحظة، يصارحها أنه حائط الصد لها ضد كل مآسي العالم، يغلق الباب خلفه وفي عينه دمعة لأنه يعرف أنه يكذب.


(3)

يا بنت القلب على باب كل حلم من أحلامك، وحش مخيف فلا تهربي ولا تنزعجي منه، إنما تحقيق الأحلام عند الصدمة الأولى، فإذا نالك منه صرخة أو ضربة تحمليها ومري إلى حلمك في سلام.


(4)

من المهم أن تضعي حجاباً يستر جسدك ورأسك،  ولكن لا تنسي أنه من الأهم أيضا معرفة ماذا تضعين في رأسك؟!.

(5)
يا بنيتي، من يبحث عن الهامش سيجده، ومن يبحث عن مجده وسط الطريق فسيجد فيه فسحته، وتذكري دوما أن الضربة التي لا تقتل تقوي.

(6)
في النهاية
أستسمحك عذرا لأن يوم ميلادك لن أكون بجوارك للمرة الأولى، حاولت جمع حقائبي واختصار أيام غربتي ولكني تبعثرت في الطريق لقرار مثل هذا، ليس تجاهلاً لك بل أنني حرمت نفسي من اللذة، وخضت في كثيرا من أوحال الغربة، الغربة التي ما إن خطوت بابها تركت عليه كل ما رجوته لنفسي، ودهست أحلامي البسيطة حتى لا يخيب رجاؤك في أب خايب الرجا كما يدعون.

الجمعة، سبتمبر 22، 2017

قال الفيلسوف: حلقة قديمة عن الظالم




حلقة قديمة من #قال_الفيلسوف
الفتاة - كان لي صديق فيلسوف، بأقوال الحكماء شغوف، قلت له يوماً: فيلسوف،
الفيلسوف - نعم يا بنيّتي,
الفتاة – ماذا تقول فيمن طغى وبغى وظلم وتجبّر، وظن أنه الأوحد ولا يقدر عليه أحد؟
الفيلسوف – أقول يا ابنتي سبقه من كان أشد منه طغياناً، وأكثر منه بغياً وعدواناً، فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر،
الفتاة – فمتى، متى يا فيلسوف؟
الفيلسوف – متى ماذا يا بنيّتي،
الفتاة – متى ينحسر شره وأذاه ويزول بغيه وجبروته، في هذه الحياة؟
الفيلسوف – تقول الحكماء يا بنيّتي، من طال تعدّيه كثُرت أعاديه،
الفتاة – كثُرت، كثُرت والله يا فيلسوف،
الفيلسوف – ومن اشتد بطشه وإيذاؤه، قرُب هلاكه وفناؤه،
الفتاة – نعم ولكن اشتد الهول والبأس، وعم الناس القنوط واليأس،
الفيلسوف – يقول بعض العارفين يا بنيّتي، اشتَدّي أزْمة تنفرجي،
الفتاة – نعم نعم،
الفيلسوف – ويقول آخر يا بنيّتي، ما اشتد كربٌ إلاّ وهان، وما حلك ليل إلاّ وصله نهار،
الفتاة – متى، متى يا فيلسوف،
الفيلسوف – بنيّتي، يقول الحق تبارك وتعالى، وهو أصدق القائلين: "ولا تحسبنَّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار"، صدق الله العظيم.
الفتاة – سبحانك يا ألله، الواقع يا فيلسوف أنني قرأت ضمن ما قرأت، أن أعجل الأمور عقوبة، هي ظلم من لا ناصر له إلاّ الله، فمتى إذاً تنزل عقوبة الله، لمن جحد نِعَم الله، واستطال بقدرته على ظلم سائر عباد الله؟
الفيلسوف – بنيّتي، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته".
الفتاة – صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا عمّن بغى وظلم، فماذا إذاً عمن بُغي عليه أو ظُلِم؟ ماذا عمن أريق دمه وفقد حياته دون ذنب أو جريرة؟
الفيلسوف – روي يا بنيّتي أن الحجاج بن يوسف الثقفي، كان مِن أظلم خلق الله لعباد الله،
الفتاة – يا ستار...
الفيلسوف – وذات يومٍ قتل رجلاً ظلماً وعدواناً، وأمر بصلبه على باب المدينة، فمر بالمصلوب رجل صالح كان جاراً له، فرفع رأسه إلى السماء وقال: "يا رب، حلمك على الظالمين قد أضر بالمظلومين"، ونام الرجل في تلك الليلة فرأى جاره المظلوم في أبهى حلة وأعظم منزلة، وسمع منادٍ من قِبَل الله تعالى يقول: "حِلم الله على الظالمين، أحلّ المظلومين في أعلى عِلِّيّين"، أرأيتِ يا بنيّتي؟
الفتاة - نعم، ولكن ما خير ما تود أن تنهي به حديث الليلة، في أمر ظلم الظالمين وجَوْر الجائرين؟
الفيلسوف – يقول نبيّ الهدى والرسول المقتدى، اتقوا الظلم، فإن الظلمَ ظُلمات يوم القيامة، ويقول رب العزة تبارك وتعالى في حديثه القدسي: "يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلتُه بينكم محرّماً فلا تظالموا"، ويقول ايضاً يا بنيّتي....
الفتاة – شكراً شكراً، هذا يكفي جداً جداً، إلى الغد إذن يا فيلسوف.

الاثنين، سبتمبر 18، 2017

لوسي أوبراك: كيف أحيا دون شرف؟

لوسي أوبراك: كيف أحيا دون شرف؟






في فرنسا كانت هناك فتاة فرنسية هادئة، تلك السمة التي لم يكن يعلم أحد كل تلك القوة والثورة المدفونة داخلها،  سافرت باريس للدراسة منتصف الثلاثينات، وقعت هناك في غرام رجل يُدعي ريمون صامويل..
النازيون احتلوا باريس بعد حرب خاطفة، حطموا فيها الاستراتيجية الدفاعية الفرنسية العاقرة، التي كانت تعتقد بحتمية الهجوم الألماني من ثغور الحصن الدفاعي الفرنسي الهائل ‘‘ خط ماجينو‘‘..سقطت استراتيجية الدفاع من معابر الحدود البلجيكية..ومعها مليوني جندي فرنسي في الأسر، كان من بينهم الشاب ريمون.

الحبيبة ومن ثم الزوجة لاحقًا علمت مكان احتجازه في ستراسبورج، قطعت المسافة ومعها عقاقير، نجحت بتمريرها له، ابتلعها، أصيب بتسمم، نقل لمشفي عسكري، كانت بالانتظار ونجحت في تهريبه..كانت أول حالة فرار من قبضة النازيين، علي يد امرأة، ولن تكون الأخيرة..ريمون عاد بعد 4 سنوات ليقع في أسر أبشع النازيين سيرة في القطر الفرنسي..الجزار كلاوس باربي..حصص من التعذيب المكثفة أودت بحياة رفيق دربه والبطل الفرنسي الأشهر جان مولان..بينما صدر حكمًا بالإعدام علي ريمون..


تظهر السيدة من جديد.. تلك المرة كانت تحمل مولودها الثاني..مثيلاتها من الحوامل في الشهر الخامس يفضلن عادة البقاء في المنزل..لم تفعل..قادت مجموعة من المقاومين المسلحين، واقتحمت محبس زوجها وحررته..ومن لحظتها وُلدت أسطورتها لتحيا للأبد في الذاكرة الفرنسية..أسطورة لوسي أوبراك..لوسي، التي يتذكرها الجميع في هذه الأيام التي توافق ذكري تحرير باريس من الاحتلال النازي، وقفت ذات مساء تحاجج أحد رفقاها المنقلبين..كان يقنعها باسقاط خيار المقاومة والتسليم بوجود الألمان وبناء حياة مستقرة مطعمة بمزايا الاقتراب من سلطة حكومة فيشي في المنطقة الحرة..بصقت في وجهه قبل أن تلكمه بقبضتها في منتصف العنق ثم أجابت علي الرد شفاهة ‘‘كيف أحيا دون شرف‘‘

السبت، سبتمبر 09، 2017

أبو فراس الحمداني (فارس السيف والقلم)




ورد في “وفيات الأعيان” لابن خلكان:
هو أبو فراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني ابن عم ناصر الدولة وسيف الدولة ابني حمدان-وسيأتي تتمة نسبه عند ذكرهما إن شاء الله تعالى-؛ قال الثعالبي في وصفه: كان فرد دهره، وشمس عصره، أدباً وفضلاً، وكرماً ومجداً، وبلاغة وبراعة، وفروسية وشجاعة، وشعره مشهور سائر، بين الحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة، ومعه رواء الطبع وسمة الظرف وعزة الملك، ولم تجتمع هذه الخلال قبله إلا في شعر عبد الله بن المعتز. وأبو فراس يعد اشعر منه عند أهل الصنعة ونقدة الكلام.
وكان الصاحب بن عباد يقول: بدئ الشعر بملك وختم بملك، يعني امرأ القيس وأبا فراس. وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز ويتحامى جانبه فلا ينبري لمباراته ولا يجترئ على مجاراته، وإنما لم يمدحه ومدح من دونه من آل حمدان تهيباً له وإجلالاً، لا إغفالاً وإخلالاً. وكان سيف الدولة يعجب جداً بمحاسن أبي فراس ويميزه بالإكرام على سائر قومه ويستصحبه في غزواته وستخلفه في أعماله.
وكانت الروم قد أسرته في بعض وقائعها، وهو جريح قد أصابه سهم بقي نصله في فخذه، ونقلته إلى خرشنة، ثم منها قسطنطينية، وذلك في سنة ثمان. وأربعين وثلثمائة، وفداه سيف الدولة في سنة خمس وخمسين.
قلت: هكذا قال أبو الحسن علي بن الزراد الديلمي، وقد نسبوه في ذلك إلى الغلط، وقالوا: أسر أبو فراس مرتين، فالمرة الأولى بمغارة الكحل في سنة ثمان وأربعين وثلثمائة، وما تعدوا به خرشنة، وهي قلعة ببلاد الروم والفرات يجري من تحتها، وفيها يقال: إنه ركب فرسه وركضه برجله، فأهوى به من أعلى الحصن إلى الفرات، والله أعلم، والمرة الثانية أسره الروم على منبج في شوال سنة إحدى وخمسين، وحملوه إلى قسطنطينية. وأقام في الأسر أربع سنين، وله في السر أشعار كثيرة مثبتة في ديوانه. وكانت مدينة منبج إقطاعاً له، ومن شعره:
قد كنت عدتي التي أسطو بهـا
ويدي إذا اشتد الزمان وساعدي
فرميت منك بضد ما أملـتـه
والمرء يشرق بالزلال البـارد
فصبرت كالولد التقي لـبـره
أغضى على ألم لضرب الوالد
وله أيضاً:
أساء فزادته الإساءة حظـوة
حبيب على ما كان منه حبيب
يعد علي الواشـيان ذنـوبـه
ومن أين للوجه الجميل ذنوب
وله أيضاً:
سكرت من لحظه لا من مدامته
ومال بالنوم عن عيني تمايلـه
فما السلاف دهتني بل سوالفـه
ولا الشمول ازدهتني بل شمائله
ألوى بعزمي أصداغ لوين له
وغال قلبي بما تحوي غلائله
ومحاسن شعره كثيرة.
وقتل في واقعة جرت بينه وبين موالي أسرته في سنة سبع وخمسين وثلثمائة.
ورأيت في ديوانه أنه لما احضرته الوفاة كان ينشد مخاطباً ابنته:
أبنـيتـي لا تـجـزعـي كل الأنـام إلـى ذهـاب
نوحي علـي بـحـسـرة من خلف سترك والحجاب
قولي إذا كـلـمـتـنـي فعييت عن رد الجـواب
زين الشبـاب ابـو فـراس لم يمتع بالـشـبـاب
وهذا يدل على أنه لم يقتل، أو يكون قد جرح وتأخر هوته، ثم مات من الجراحة وقيل إن هذا الشعر قاله وهو أسير في أيدي الروم، وكان قد جرح ثم أسر ثم خلص من الأسر، فداه سيف الدولة مع من فودي من أسرى المسلمين.

السبت، سبتمبر 02، 2017

سبتمبر وأشياء أخرى



سبتمبر وأشياء أخرى
(1)
في سبتمبر تودعنا الشمس الحارة، تهب رياح الخريف على قلوب هرمت منذ أزمان، يزداد غبار الكون في صدر لا يهدأ سعاله.
(2)
أنا كائن معقد تماما، وفي سبتمبر تزداد الأمور تعقيدا معي، ومهما ظن من يعرفني جيدا أنه عرفني وانتهي الأمر، ولكنه في سبتمبر ستأتي مواقف عديدة سيقف عاجزا عن معرفتي وفهم ماذا يحدث؟، حتى أنا لا أدرى ما حدث لكي أستطيع تفسير ماذا يحدث؟، أصبح أكثر غرابة من ذي قبل، أكثر صمتا، أكثر وحدة، أكثر قدرة على ممارسة عادة الكآبة والكتابة في نفس الوقت.
(3)
أهلاً سبتمبر ، آمل أن تأخذ أحلامنا هذه المرة على محمل الجد.
(4)
في سبتمبر تزداد معدلات دوران رأسي، تزداد معدلات إنتاج الأفكار التافهة، تزداد معدلات دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس.
(5)

أنا لا أعلمُ ما الذي يحدث لي مع سبتمبر ، ولا أريد أن أعلم .. أريد فقط أن أتجاوز هذا الشهر وأن أتجاوز كل تلك المشاعر ، أريد أن أنجو بأقل الأضرار الممكنة، أن يأتي الثالث من نوفمبر فورا دون أن يعزيني أحد فيما حدث لي في الأول والثاني من نوفمبر.
(خاتمة)
مع نهاية سبتمبر، احتفل بانهيارك يا عزيزي .
(قالوا)
مُنذ ولدت وأنتٓ تقاتل الحياة ،لتصل إلى موتك سالماً.

الأحد، أغسطس 27، 2017

نظرة لـ هروبي إلى الحرية.




عندما تقرأ كتاب : هروبي إلى الحرية لـِ علي عزت بيجوفيتش ، يصلك شعور السجين المليء بالتساؤل و في الوقت نفسه أيضاً تبدأ بمعرفة الحرية الصحيحة التي تختلف كُلياً عن الحرية التي تظن نفسكَ أنكَ تعيشها و كأنك بسجن الحياة بشكلٍ مرسومٍ و دقيق في كيفية التحكم بطريقة عيشك.
يضع بيجوفيتش في كتابه هذا عبارات غير مترابطة في مواضيع مختلفة تأخذك إلى نتاج فكري و حس فلسفي مباشر في لحظة وغير مباشر في لحظة أخرى.
أجزم أنني بعد هذا الكتاب أنجزت شيئاً في نفسي، فـَبعض الكتب أحياناً تشعرك بأنك وصلت إلى حقيقة تواجه بها سجنك الداخلي وأعتقد أنني وصلت.
اقتباسات من الكتاب
هروبي إلى الحرية (كتاب) كانت تلك الأيام ينتظرني فيها ما يقارب ثلاثة عشر عاماً من السجن، وعندما كان الموت هو الأمل الوحيد أخفيت هذا الأمل بداخلي
مثل سر كبير لا يعرفه أحد غيري ولا يستطيعون هم تجريدي منه فإن هروبي العاطفي كان في تلك الرسائل لست متأكداً بأن أولادي يعرفون أو انهم سيعرفون يوماً ما ماذا عنت تلك الرسائل بالنسبة لي، كنت أشعر في اللحظات التي أقرأها فيها ، إنني لست أنسانا حراً وحسب، وإنما أنسانا أهداه الله كل خيرات هذه الدنيا

لاتوجد خسارة لا يكون الشعب الخاسر مسؤولا عنها! ولا يوجد في مزبلة التاريخ أبرياء.لأنك عندما تكون ضعيفا فهذه خطيئة من وجهة نظر التاريخ،وأن تكونً ضعيفا في التاريخ هو عمل لا أخلاقي
-
كثرة القراءة لا تجعلنا أكثر ذكاءً . فبعض الناس يلتهمون الكتب من دون الوقفات الضرورية للتفكير ، هذه الوقفات ضرورية من أجل “هضم” المقروء و معالجته ، من أجل إستعابه و إدراكه . حين يتحدث أناس من هذا النوع ، فإن شذرات من هيجل و هيدجر و ماركس تخرج من أفواههم كما هى ، بلا هضم أو معالجة . إن القراءة تقتضي إسهام القارئ فيما يقرأ ، و يحتاج هذا إلى وقت ، كالنحلة تحول الرحيق في بطنها إلى عسل
الحياة شئ خطير..عدم الاستقرار هو ثمن العيش. الذين يموتون هم الذين يشعرون بالاستقرار, او بالأحرى أولئك الذين لم يولدوا
وكتاب علي عزت بيجوفيتش, هروبي إلى الحرية متاح منذ فترة بترجمة جديدة للمترجم محمد عبد الرؤوف عن دار مدارات للأبحاث والنشر أفضل من الترجمة السابقة للمترجم إسماعيل أبو البندورة.

الثلاثاء، أغسطس 22، 2017

العودة للتدوين.


العودة للتدوين.
(1)
مارس 2005، أي منذ 12 عاما قمت بإنشاء هذه المدونة، لم أكن أرغب أن تكون مدونة يعرفها الأقارب والأصدقاء المقربون، فلقد أغواني أن أبدأ مع الغرباء، الذين لا يعرفوني بشكل شخصي، لم يكونوا عني فكرة مسبقة الدفع، لم يكرهوني من قبل…
وعلى غير ما توقعت كونت علاقات جيدة، ورحب بي أناس أفاضل، مما جعلني متلهفا للكتابة هنا، ومع ذلك توقفت، يوما ما لا أدرى ماهيته وجدتني توقفت…
(2)
كل يوم كانت يخبرني هذا الملعون، لا تكتب، إياك والكتابة يا هذا، لا تفرط فيما سيأخذك إلى أعماق المخاطر، لا تتحرك من على الشاطئ….
لم أستسيغ هذا النداء، يذكرني بمقولة “خليك ماشي جنب الحيط!” والله دخلنا جوا الحيط وأيضا قتلونا واغتالوا أحلامنا.
هذه المرة أدركت أن أعظم ما قد نمتلكه هو تلك الحروف المبعثرة على شفاه صامتة، تلك الحروف الثائرة في قلوب نابضة، لا يشترط أن تكون كاتبا رائعا متمكنا مما تقول، لا يخافون من المهرة بل يخافون من التفكير، لذا قررت أن أكتب ما أفكر فيه، سواء كانت عن ثورة تحولت إلى خيبة، عن قصة من عبادة إلى عادة…
(3)
لا يهم أن أكون الأروع، الأهم أن أثبت أنني ما زلت أتنفس، أنبض، أنبش ككتكوت انجليزي حزين طردوه من بلده وجاء إلى مصر، وأنني كائن صغير يدور مع دورة الأرض أو عكسها إن لم تعجبه طريقة دوران الأرض.
(4)
لماذا أكتب؟
لأن الوحدة كابوس قاتل، الصمت قاتل ينساب بين شرايينك دون أن تشعر به، أنا والصمت والوحدة أصدقاء، والكتابة هي الضيف الثقيل الذي يعكر مزاج تلك الجلسة الثلاثية، لا أحد يعرف مشكلتي مع الوحدة والصمت سوى الكتابة، تلك التي تدع لي الفرصة للتحدث حتى أعتقد “ولو زورا” أني أعظم متحدث في الدنيا وأن الجميع ينصتوا لي في خشوع….وأدب.
(5)
أدرك إن إدماني للوحدة والصمت قد أعياني، والكتابة تأخذني منهما بشعور أنتشيه ولو للحظات!
شعور مثل شعور المواد الكيماوية التي يتعاطاها المدمن، نعم مدمن صمت ووحدة ورغم محاولاتي الكف عن التعاطي، إلا أن أعراض الانسحاب لا تدعني سوى عند السباحة بين ضفتي كتابة أو الانسجام في لحظات أُنس مع قلم والشخبطة على بعض الصفحات البيضاء.
(كلمة أخيرة)
مدونتي مثيرة للدهشة، ومغرقة في العادية في نفس الوقت، هذا سر لا يدركه أحد سواي.

الاثنين، مايو 11، 2015

كل رجال الباشا: محمد علي وجيشه وبناء مصر الحديثة

قرأت مؤخرا: والتعليق من على الجودريدز
 للتحميل:  اضغط للتحميل
إذا فشل التحميل اترك تعليقا ببريدك الالكتروني وسأرسله لك.




محمد علي باشا باني مصر الحديثة وجيشه الوطني

أسطورة "باني مصر الحديثة "اختلقها من أسماهم الكاتب تهكما عليهم "الوطنيين "..أتاتوركيون ومزايدون بالهوية المصرية وبعض اليسار والناصريين.. وأسطورة "جيش محمد علي الوطني "من تأليف الدولجية والناصريين والمثقفين القريبين من العسكرتاريا.. ما فعله الكتاب هو أنه نسف الأسطورة الأولى وأضفى هالة من الغموض على الثانية.. 

محمد علي باشا كان مجرد مغامر آخر.. مغامر بنكهة مقامر.. رأى في مصر من خيرات ما يؤهلها لأن تكون ولاية عثمانية ذات وضع خاص ..أن تكون مصر دولة أو شبه دولة مملوكة ومتوارثة بين آل الباشا.. وجد في بناء جيش يكون بمثابة الذراع الطولى له مشروعا يجب أن تسخر موارد الدولة له ..بما فيها الصناعة التي يتغنى بها أنصار الأسطورة..

أسس جيشا عائليا بمعنى الكلمة وزع مناصبه القيادية على الأسرة والأنسباء..وحاول تطبيق النموذج الفرنسي العسكري المنتقد أصلا في بيئة لا تصلح لتطبيقه ..أما الخط الأمامي مكون من فلاحين اقتيدوا إلى الجهادية قسرا ليعيشوا حياة. انضباطية قاسية غير معلومة النهاية وسط معاملة سيئة بدءا من القادة الجراكسة والأتراك ونهاية بمؤسسة حكم الباشا..

يزداد طموحه جموحا لدرجة السعار كلما وجد نفسه مسلسلا بالمعوقات ..شعرة معاوية بينه وبين الباب العالي.. إرضاء الترك والجراكسة بالمناصب التي حرم منها أهل البلد.. والتوازنات الدولية التي استخف بها فلقيت طموحاته موقفها..

جيش أقرب للسخرة ..ونظام بيروقراطي هزيل.. عينة من مفردات تركته للبلاد والعباد.. لكن أهمها كان جثوم أبنائه وحفدته على السلطة في ضوء معاهدة لندن 1840.. وذلك المكسب عوضه عما خسر من أهداف..

هذا عن الأسطورة الأولى.. أما الثانية فعلامة الاستفهام الكبرى تدور حول سبب تقديس المصريين للمؤسسة العسكرية التي تدار بهكذا أسلوب.. استفهام قد يخرج عن الإطار الزمني للكتاب..

كل كلمة في الكتاب مثبتة بأدلة.. وعلى من يعترض تقديم أدلة تفيد العكس.. إن كان ذا قلب على أسطورة صناعتها وقدموها بالاشتراك مع آخرين لنا على أنها حقيقة كونية.

الأربعاء، يناير 09، 2013

رائحة ابنتي



تعلمون كم أحب ابنتي، ذلك الحب الذي صدعت به رؤوسكم قبل الزواج وبعده….قبل أن أعلم خبر تكوينها في بطن أمها وبعده…..تلك التي أحببتها حبا جعلني أشفق  على من سيأتي بعدها…هل سيظل في قلبي مكانه له أو لها…ولكن تلك ليست المشكلة الآن، فحب ابنتي جعلني أتعلق بها “كلها” وخاصة رائحتها..فهي لها رائحة خاصة لا تخيب عن أنفي….ضبطت نفسي عددا من المرات أستنشقها…تلك الصغيرة النائمة في ملكوتها على سريرها الصغير……أستنشق رائحتها ونفسها….رائحة مميزة لم تمر على أنفي من قبل…وهل مر على ذاك الأنف أميرة كتلك الصغيرة من قبل….
رائحة خاصة كتلك البصمة الخاصة التي تمتلكها….
رائحة خاصة عند استحمامها…..
رائحة خاصة عندما تنام….
رائحة خاصة عندما تستيقظ….
رائحة خاصة عندما تعملها على نفسها……
رائحة خاصة عندما تضحك…عندما تبكي…عندما تصرخ منادية أمد أمد (أحمد يعني).
لكل حركة رائحة خاصة….ولكنها نفس الرائحة المميزة لها التي مهما اختلفت وضعياتها لم تختلف تكويناتها في أنفي…..ولأول مرة أميز رائحة مهما اقتربت أو ابتعدت وذلك الجيوب الانفية والحساسية….
كل ذلك جال في خاطري وأنا عائد من العمل في ميكروباص…أقلب في صورابنتي التي تملأ جهازي المحمول…وتساءلت هل للصور أيضا رائحة خاصة….لا أدري لماذا أجابت أنفي بالاستجابة لرائحة هي الرائحة…أتخرج الروائح من الصور أم أن الأنف تستعيد من عبق ذاكرتها عندما لمحت العين طيف صورها…
مرت الكلمات في ذهني سريعا والرائحة تزداد وتقترب…حتى شعرت بالقلق على روحي التي اندمجت مع تلك بنت القلب التي ضاع معها الفارق بين الخيال والحقيقة…حتى استيقظت على ضربة أم لابنها (ضربة في قلبها) وهي تضرب صغيرها لأن عمل حمام تقيل على روحه…عندها فقط عرفت من أين تأتي تلك الرائحة *_*

الأربعاء، مايو 16، 2012

لأن العصافير تطير..!


لأن العصافير تطير..!



عرفها من بعيد…كعصفورة جميلة…غريبة عن كل العصافير التي يراها تحوم حوله…كانت مغرية لأن يقترب…ترتدي مثله نظارة بإنعكاسات زرقاء…تحب القراءة….تذهب للمكتبة مرة في الأسبوع…تسمع الراديو…تشاهد القنوات الوثائقية…تحب أن تشري الشاي في كوب زجاجي وعليه ورقة نعناع خضراء…. كانت عصفورة غير كل العصافير التي تزقزق حول حياته… ولكنه قطعا لم يقترب منها ولم يجرؤ على أن يفعل…فقط لأنه يعرف أنه بإقترابه منها ستنتهي القصة…فالعصافير بالاقتراب…تطير.
*_*

الأحد، أبريل 01، 2012

عن قرار الإخوان ترشيح “الشاطر” رئيسا للجمهورية.

قراءة في قرار الإخوان ترشيح “الشاطر” رئيسا للجمهورية.




يعتقد الإخوان أن نقدنا لاختيار “الشاطر” مرشحا لهم لرئاسة الجمهورية نوع من أنواع الحقد السياسي عليهم أو السب السياسي لقادتهم…
ورغم أن النقاش لا يكون كثيرا عن شخصية “الشاطر” بل في قرار الجماعة وتأخره ودلالته وتأثيره على المجتمع كله..
ومجمل النقد الذي لاحظته من لحظة الإحساس بمجرد ترشيح شخص منهم هو..
أولا:
أن الإخوان جماعة مؤثرة في اتجاه مصر في تلك اللحظة الفارقة بعد قيام ثورتها العظيمة منذ أكثر من عام، وأن أي قرار لها أصبح لا يؤثر على الجماعة فقط بل يؤثر على كل مصر..سواء كنا داخلها أو خارجها..لذا وجب علينا جميع وضع الجماعة تحت الميكروسكوب للنقد والتمحيص والتحليل..

ثانيا:
كانت الجماعة قررت قبل تنحي مبارك بعدم نيتها الترشح للرئاسة وجددت تلك التصريحات مرات أخرى وكان أهمها عند فصل أبو الفتوح عندما أعلن نيته للترشيح، ثم عزل كل من يدخل في حملته الدعائية، بل وصل الأمر مؤخرا وقبل أيام بعزل كل من يثبت عليه عمل توكيل للرجل…إذن القرار قديم ومتجدد حتى آخر لحظة
فهل جماعة بهذا الحجم تغير قرارها لمجرد خلاف في الفترة الأخيرة مع العسكر…وإذا حللنا أصل الخلاف نجد أن العسكر هم العسكر حتى أثناء الثورة من يوم توليهم الأمن بديلا للشرطة مرورا بموقعة الجمل حتى ماسبيرو وأحداث محمد محمود وأحداث مجلس الوزراء…ألم تكن كل تلك الأحداث كفيلة أن تغير موقف الإخوان..فاكتشفوه مؤخرا..إذن إما الإخوان جماعة لا تستطيع قراءة الأحدث والهيئات وهي بذلك فاشلة…إما قراءتها خطأ منذ البداية وأرادت تصحيحه قبل فوات الأوان وذلك أيضا فشل من الجماعة وقادتها..
ثالثا:
كان الإخوان على مدار عام كامل وأكثر يحذرون من المؤامرة على المشروع الإسلامي ويحللون ويكثرون التحليل على أن وجود رئيس لمصر من التيار السياسي الإسلامي هو أكثر خطرا على هذا المشروع…وينتقدون حازم صلاح أو اسماعيل لأنه لن يتوافق عليه الشعب وسيكون مثار جدل من اتجاهات سياسية مختلفة معه في هذه المرحلة المهمة…وايضا فشل الرئيس ذات الخلفية الإسلامية سيعني فشل المشروع السياسي الإسلامي كله مبكرا…
وبعد ترشيح “الشاطر” تغير الكلام كله عن وجوب حماية المشروع الإسلامي كله…فكيف يتغير نفس منطق أمس إلى منطق اليوم بنفس الشخص المدافع به ولا يعتبر ذلك نوعا من أنواع التدليس
رابعا:
هل أخطأ ابو الفتوح عندما أعلن ترشيحه المبكر؟، طبعا نعم لأنه خالف شورى الجماعة… ولكنه لم يخطئ حينما استطاع قراءة التاريخ بصورة صحيحة واتخذ نفس القرار الذي اتخذه الإخوان بعده بعام كامل بنفس الأسباب تقريبا….
خامسا:
رغم أني لا أفضل سياسة المؤامرة..ولكن من الواضح أنه لا يجب أن نغفلها هنا.. فنحن أمام اختيارين..هل تم ترشيح الشاطر بموافقة العسكر أم تصعيدا ضده
لو قلنا أنه بموافقته…فهذا له دلائل مسبقة منها.التوافق الغريب بين مواقف العسكر والإخوان طوال عام، سحب الآثار المانعة لترشيح “الشاطر” سياسيا من قبل المجلس العسكري…ضرب أي مرشح إسلامي أو حتى ثوري وما بالك لو كان إسلامي ثوري وهو الدكتور حازم صلاح أبو إسماعيل الذي يمثل الرقم الصعب ضد المجلس العسكري حاليا وضد أي مرشح..
ولو قلنا ان قرار تصعيدا ضد العسكري….مع ان هذا مستغرب لدي لأن سياسة الإخوان التصعيدية والثورية ليست من سمات الجماعة التربوية ولا التنظيمية…ولكن ألا تعلم الجماعة أنه من الممكن أن يتطور هذا التصعيد ويضر بمصر كلها كما حدث عام 1954 عندما انقلب العسكر عليهم وضاع الإخوان وضاعت مصر كلها بسبب أخطائهم تلك الفترة..
سادسا:
أسئلة عن “الشاطر” شخصيا..ما هي مؤهلاته السياسية سواء داخل الأحزاب أو الانتخابات أو العمل النقابي..وهل قاد يوما مجموعة سياسية أثبت بها كفاءة؟؟؟
وعن كون “الشاطر” رجل أعمال…ألا يعيدنا هذا إلا ما كانت عليه مصر حينما تحكم بها رجال الأعمال وحدث ازدواج خطير ما بين السلطة ورأس المال..وما زلنا ندفع ثمن هذا الزواج المدنس حتى هذه اللحظة…فمن يضمن لنا أن لا يتكرر هذا النوع من التزاوج
سابعا: إن معارضتي “شخصيا” لترشيح الرجل ليست انتقاصا منه بالعكس فقراءتي عنه تعطيه الكثير من المزايا والإمكانيات..ولكن هل هو الأنسب لمصر حاليا…وهل ترشيحه بتلك الطريقة العجيبة سيضمن لو فوزا مريحا…وهل نحن نحتاج رئيسا نلتف حوله..أم رئيسا نشكك في نواياه حتى قبل أن يبدأ
…..
وفق الله مصر ووفق من يعمل بنية خالصة وعقل واعي لمصلحتها…